مع وقف التنفيذ دعاء عبد الرحمن
اهتمام
احكيلى
قص عليها ما حدث بالأمس عندما كره فارس أن يدخل بلال ليرى مهرة وما حدث أمام قاعة الأفراح عندما رفض فارس السفر إلا بعد أن يطمئن عليها وكذلك المكالمة التى حدثت اليوم أمام الطبيب ..فقالت عبير بشرود
وانت مستغرب من أيه.. مش هو اللى مربيها
هز بلال رأسه نفيا وقال مؤكدا
لا يا عبير أنا راجل واقدر افهم نظرة الراجل اللى زيى وتصرفاته ..مفيش عريس فى الدنيا يعمل كده
يعنى أيه يا بلال.. تفتكر يعنى ..
أومأ برأسه موافقا وهو يقول
أنا مش افتكر .. أنا متأكد يا حبيبتى .. بس مستنى فارس لما يحكيلى بنفسه .. طب لما هى الحكاية كده اتجوز مراته دى ليه ...حاجة غريبة أوى
شردت عبير بعيدا أكثر وأكثر وهى تقول بداخلها
ياااه يا عزة ده انت ربنا بيحبك ..أهى خطيبته اللى اتجوزها وانت افتكرتى أنه فضلها عليكى طلعت فى الآخر برده مخدتش حاجة غير وجوده معاها لكن قلبه فى مكان تانى خالص
مكان ابعد ما كنا نتخيل كلنا .
وقفت عزة أمام الفراش تحاول جاهدة إيقاظ عمرو بشتى السبل ولكنها تفشل دائما فما كان منها إلا أن جاءت بزجاجة مياه باردة وسكبت بعضا منها على رأسه ...هب جالسا فى فراشه وهو يصيح
ايه يا ماما شغل المكوجية ده على الصبح
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت ساخرة
ماما مين يا
حبيب ماما.. وبعدين صبح أيه أحنا العصر يافندى
عزة حبيبتى ..أه صحيح ده احنا اتجوزنا امبارح وزغاريد بقى وحركات
ثم نظر إليها بعين مفتوحة والأخرى مغمضة وقال متسائلا
اه صحيح هو حصل ايه بعد الزغاريد انا مش فاكر حاجة
ضحكت وهى تشير للخارج قائلة
لو مش فاكر اروح أجيب أزازة العصير افكرك بيها ها
أشار إليها يستوقفها وهو ينهض متثاقلا ويقف أمامها قائلا
أحاط خصرها بذراعيه وهو يقول
صباح الخير يا عروستى
أبتعدت عنه وقالت بحزن مصطنع
لا أنا زعلانه منك .. راحت عليك صلاة الجمعة حتى الضهر مصلتوش واهو العصر كما اذن عليك ..ينفع كده يا عمرو
مطت شفتيه وعقد جبينه وقال معتذرا
انا آسف والله يا حبيبتى.. كنت تعبان أوى معلش .. أوعدك مش هيتكرر ده تانى
خلاص صافى يالبن
رفعت كتفيها وأستدارت وهى تشير للخارج قائلة بحسم
طب اتفضل بقى على الحمام علشان تلحق اللى فاتك
رفع حاجبيه وقال بصرامة مضحكة
ده طلب ولا أمر !!
رفعت جابيها مثله وقالت
لا أمر
سار امامها مطيعا وهو يقول
اه افتكرت ..ايوة كده اتعدلى معايا
خرج من الحمام وصلى ما فاته من صلوات وبمجرد أن انتهى سمع صوت قرع جرس الباب ووجد عزة تدخل عليه مسرعة وهى تقول
قال بسرعة وهو يتوجه للمطبخ
روحى افتحيلهم على ما اضربلى كام سندوشت على السريع كده
قالت بخجل
لا يا سيدى افتح انت انا مكسوفة
هز رأسه نفيا وقال
يعنى اموت من الجوع علشان سيادتك مكسوفة أمشى يا بت افتحى الباب
مضت الأيام المتبقية سريعا وعاد الطير إلى عشه القديم تهفو نفسه إلى الأهل والأحباب فتحت أم فارس ذراعيها وهى تعانق ولدها الذى ألقى بنفسه بين ذراعيها على الفور وكأنه يحتمى بها كما كان يفعل فى الصغر ممن يخفيه ولسان حاله يعتذر لها عن عدم طاعتها بتمسكه بهذه الدنيا الغادرة رفع رأسه وقبل رأسها فى شوق كبير وهو يقول بعينين دامعتين
وحشتينى أوى يا أمى
قاطعته دنيا من خلفه وهى تقول بترم
أنا هفضل واقفة كده كتير
أفسحت لها أم فارس الطريق للدخول وهمت بمعنقتها هى الأخرى مرحبة بها ولكن دنيا اكتفت بمصافحتها ببرود وهى تقول
أهلا بيكى
أغلق فارس الباب خلفه واستدار لوالدته يعانقها مرة أخرى ويسأل عن حالها وصحتها بينما نهضت دنيا واقفة بحنق وهى تقول
طب هدخل أنا اريح شويه من السفر
ألتفتت لها والدته وهى تقول بابتسامة كبيرة
وماله يا حبيبتى ارتاحى انت على اعملكوا غدى هتاكلى صوابعك وراه
نظرت لها دنيا ببرود وقالت
لا متتعبيش نفسك أنا مش جعانة
نهضت أم فارس واقتربت منها وربتت على ظهرها وهى تقول بود
متعبش نفسى أيه.. أنت زى بنتى .. قوليلى بس تحبى تاكلى أيه وانا هعملهولك
أبتعدت عنها واتجهت لغرفتها وهى تقول بتثاقل
مفتكرش بتعرفى تطبخى الحاجات اللى بحبها
وقبل أن تدير مقبض حجرتها سمعت صوته الهادر وهو يستوقفها پغضب قائلا
دنيااا
ألتفتت إليه لتجد الشرر يتطاير من عينيه
وقال بقسۏة
لما ماما تكلمك تردى عليها كويس
أنكمشت مكانها واستدارت إليه والدته وقالت على الفور
مفيش حاجة يابنى .. مقالتش حاجة غلط ...خلاص سيبها على راحتها
والتفتت إليها قائلة
ادخلى ارتاحى يابنتى
أسرعت دنيا بالدخول إلى غرفتها متفادية النظر إليه فانحنى وقبل يد والدته وقال معتذرا
متزعليش يا ماما حقك عليا
ربتت على ظهره وهى تقول مبتسمة
أعذرها يابنى هى لسه مش متعوده عليا .. بكره لما تاخد عليا وتعرفنى كويس هتعرف انى أمها التانية مش حماتها زى ماهى فاكرة ..وانا بكره ان شاء الله هعزم الست والدتها
تتغدى معانا هنا علشان تعرف اننا عيلة واحدة وانى زى أمها .
قبل رأسها وهو يقول
ربنا يديكى الصحة يا ماما
تركها واستدار إلى حقيبته الصغيرة وأخرج منها هاتف محمول صغير باللون الوردى وأعطاه لها قائلا
ماما ممكن تدى ده ل مهرة ..هو فيه الخط بتاعه
نظرت والدته إلى الهاتف ثم نظرت إليه متسائلة
جايبلها تليفون ليه
قال بحرج
يعنى حبيت ارفع روحها المعنوية شوية.. أكيد هتفرح بيه
ثم تابع بارتباك
مش كده برضة ولا انا غلطان
أخذت منه الهاتف وأومأت برأسها وقالت ببطء
بعد الشړ عنك من الغلط يابنى .. خلاص انا هديهولها ..أنا طالعالهم دلوقتى .. أدخل انت ارتاح مع عروستك ..بس انا هقولها انه هدية مني انا .. أتفقنا
ابتسم وقال بحرج
مش هتفرق يا ماما.. أنا وانت واحد .. المهم انها تتبسط وتخرج من حالتها دى شوية
نظرت مهرة إلى الهاتف فى يديها وتأملته قليلا ثم أعادته إلى أم فارس قائلة
أنا آسفه يا طنط .. أنا مش عاوزه حاجة
هتفت والدتها معاتبة
ليه يابنتى ده هدية من خالتك ام فارس .. حد يرد الهدية
ربتت أم فارس على
يدها بإشفاق وكأنها قرأت فى عينيها وهى تتفحصه انها علمت من الذى أحضره لها وقالت بهدوء
أنا كنت فاكراكى هتفرحى بيه.. كده برضة ترفضتى هديتى
نظرت لها مهرة نظرة طويلة وقالت بشرود
عمرى ما رفضت هدية من ...من حضرتك .. وطول عمرى بفرح بالهدايا بس دلوقتى خلاص مبقتش تفرق معايا كتير
تصدقى انك كبرتى فعلا ..بس لو ليا غلاوة عندك خديه
ثم همست فى أذنها
يا عبيطة بقولك ده هديتى انا .. ولا انا بقى خلاص راحت عليا مبقتش ليا غلاوة فى قلبك
قفزت دمعة من عينها فمسحتها سريعا وهى تقول
متقوليش كده يا طنط ده انت اللى مربيانى
وضعته أم فارس فى يدها وهى تضغط على يدها برفق قائلة
خلاص يبقى تاخديه من سكات
قبضت عليه فى يدها وهى تقول
متشكرة أوى يا طنط ربنا يخليكى ليا
ابتسمت أمها بينما قبلتها أم فارس ثانية وقالت متسائلة
أخبار التنسيق أيه
نظرت مهرة أمامها وقالت بجدية
لسه النتيجة بتاعته مطلعتش .. بس عموما مش هتفرق .. أى حاجة هتيجى هتعب واذاكر فيها لحد ما ابقى حاجة كبيرة أوى .. أنا دلوقتى ميهمنيش غير مستقبلى وبس.. هو ده اللى هينفعنى مش أى حاجة تانية
عزمت على نسيان ماضيها وحاولت أن تقتلعه من حياتها ولا تفكر سوى فى مستقبلها وفقط ولكن هذه هى طريقة تفكير الحالمون فقط فالحالمون فقط هم من يعتقدون أن الانسان من الممكن أن ينفصل عن ماضيه وظروفه و بيئته التى كونت شخصيته وأصبحت جزء من تكوينه وبنيانه بل أصبحت جزء لا يتجزء من حاضره ومستقبله أيضا .
يتبع
عاد الفارس إلى صهوة جواده مرة أخرى وأستأنف حياته العملية ثانية ولكن هذه المره وهو يجلس خلف مكتب الدكتور حمدى مهران كنائبا عنه ومديرا للمكتب وشريك فيه بمجهوده بنسبة الثلث ...لينفذ فكر استاذه فى قبول القضايا ورفضها حسب ما يترائى له من حلها وحرمتها مهما كانت باهظة الثمن ...وعادت دنيا تقبع خلف مكتبها تقلب أوراقها بملل غير راضية عن وضعها القديم فقد كانت تتصور أن شأنها سيرتفع لمجرد أنها زوجته وأنه سيعطيها مكتب مخصص لها ولكنها تركها كما هى حتى عندما ڠضبت وطلبت منه ذلك رد ببرود
لو هارقى حد هيبقى على حسب كفائته مش على حسب هو يقربلى ايه
وقد كانت الضړبة الموجعة لها والقاسمة لغرورها وكبريائها أنه أعطى نورا صلاحية مدير المكتب وخصص لها مكتبه سابقا بل وخفف عنها عبء عمل النهار وأصبحت تعمل مساءا كمديرة للمكتب فقط مما جعل دنيا تستشيط ڠضبا وحنقا وتستعر الڼار بداخلها ...خرجت من المكتب دون أستئذان وتوجهت لوالدتها لتحكى لها مأساتها معه والظلم الذى تلاقيه فى عملها فاجابتها والدتها بهدوء
فى حاجة مش طبيعية بينك وبينه ومحدش فيكوا عاوز يقول عليها
جلست دنيا تقلم أظافرها وهى ترفع كتفيها وتقول بخبث
بصراحة يا ماما فيه بس يعنى ..ضميرى مش سامحلى انى افضح جوزى
نظرت لها والدتها مستفهمة وقد عقدت حاجبيها قائلة
يعنى أيه يابنتى مش عاوزه تفضحيه هو فى ايه بالظبط
رفعت رأسها إلى والدتها وتصنعت الخجل وهى تقول
أصله بصراحة يعنى مش قد كده معايا ..يمكن بقى علشان كده علطول مضايق وبيعاملنى وحش زى ما اكون أنا المسؤلة عن حالته دي
زاد أنعقاد حاجبى والدتها وهى تنظر إليها قائلة
طب ليه ما يروحش لدكتور بدل ما العلاقة بينكوا متوترة كده
زفرت دنيا متبرمة وهى تقول بملل
يووه حاولت كتير معاه وكل مره بيزعل ويعمل خناقة .. خلاص بقى قسمتى ونصيبى انا راضية
جلست والدتها واستندت إلى ظهر مقعدها وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها وتنظر لابنتها بشك ثم قالت
غريبة أوى الحكاية دى
عادت دنيا لتقليم أظافرها ثانية وهى تقول بأسى
شايفة يا ماما انا مستحملة أيه.. وكمان قاعدة مع امه فى مكان واحد ومعاملتها بقت حاجة صعبة أوى
مالت أمها للأمام بابتسامة متهكمة وقالت
أهى دى بقى لو حلفتيلى عليها عمرك كله مش هصدقك ..ده انا شفت بعينى محدش قالى
نظرت دنيا إليها وقالت بحزن
كده يا ماما بقى انت برضة تخيل عليكى حركات الست دى .. دى بتعمل كده قدامك بس
ضحكت أمها بسخرية وقالت
روحى شوفيلك كدبة تانية بس تكون محبوكة شوية عن دى
هبت دنيا واقفة وهى تقول بانفعال
كده يا ماما ...ماشى ..أنا هدخل انام شوية
أنت مش هتروحى
لاء لازم يعرف انه غلط
دخلت غرفتها وتنفست بقوة وهى تزفر بضيق متسائلة بداخلها.. لماذا دائما يكذبها الجميع حتى والدتها لا تصدقها فى شىء ألهذه الدرجة هى مكروهة منهم ...هوت إلى فراشها بقوة وڠضب وهى تلوم نفسها على سذاجتها التى أودت بها ..تذكرت يوم ۏفاة أبيها واليوم الذى توعدتها أمها أنها ستجعل عمتها تأخذها معها إلى الصعيد لتعيش هناك بقية عمرها وتذكرت يوم أن قررت مصيرها وحددت