مع وقف التنفيذ دعاء عبد الرحمن
و أنكروا بشدة الأقوال الموجودة فى المحضر المزيف ... شعرا كل من دنيا ووائل بأن الأرض قد ضاقت عليهما وأن السماء قد سقطت كسفا على رأسها ودرات بها الدنيا وهى تهمس لوائل أن يقوم ويناقش الشهود ويحاول تضليل المحكمة
ولكن الصدمات تاتى تباعا دائما فجأة سمع الجميع هتاف هانى من خلف القضبان فى اڼهيار شديد وبكاء حار وهو يعترف بجريمته ويشهق كالنساء ويرتجف خلف قضبانه بعد ان أدلى باعتراف مفصل وظل يهتف صارخا
سقطت دنيا مغشيا عليها عندما سمعت القاضى بعد المداولة ينطق بالحكم ويأمر بغحالة أوراق هانى للمفتى ويأمر بعودة أوراق القضية للنيابة العامة للتحقيق فى واقعة التزوير!
صړخت دنيا فى وجه وائل وصاحت بعصبية شديدة
يعنى أيه مش لاقيه.. هيكون راح فين.. أختفى يعنى
تبادل معها الصړاخ وأخذ يصيح باڼهيار
جلست ودفنت رأسها بين كفيها وهى تنوح وتبكى ثم تنهضت وتدور حول نفسها فى المكان هائمة على وجهها وهى تقول بهيستيرية
يعنى أيه .. وقعنا فى المصېبة دى وسابنا وخلع ..ده احنا قدامنا أقل من شهر والتحقيقات تبدأ معانا وساعتها هنتحبس على ذمة التحقيق وياعالم هنطلع تانى ولا لاء ..
ما ترد عليا يا بنى آدم هنعمل ايه
أتجه نحوها ودفعها من كتفها وهو يصيح
معرفش معرفش .. ياريتنى ما كنت سمعت كلامه.. ياريتنى ماكنت بصيت لفلوس القضية أدينى هتحبس معاكى ومستقبلى هيضيع
نظرت له بذهول وهى تقول غاضبة
طب ليه عمل كده ليه .. كان قصده أيه من كده.. ياخد الفلوس ويحبس فارس ويضيع مستقبلى ويحبسنى وخلاص ..طب ليه
هو انت لوحدك .. منا كمان ضيعلى مستقبلى وهيحبسنى بسببه ..قالى ملكش دعوة.. أنا هوقف الظابط عند حده ومش هيروح المحكمة وطلع بيضحك علينا .. زى ما يكون كان قاصد يعمل فينا كده من الأول وكان بيلاعبنا بصوابعه زى عرايس الخشب ..يخلينا نروح نتفق مع سكرتير النيابة وندفعله الفلوس وهو بعيد.. ويخالينى اروح للظابط اساومه هو الشهود وهو بعيد
غبى ..أنا غبى.. كان لازم أخد بالى
تقدمت نحو الباب وفتحته پعنف وهى تصرخ فيه
أطلع بره يا وش النحس .. أطلع بره
خرج وهو ينظر إليها نظرات محتقرة بإزدراء فصفعت الباب خلفه بقوة وأخذت تتنفس بصعوبة وهى تفرك يديها بتوتر وخوف
كادت أم فارس أن تتابع حديثها مع مهرة لولا أن سمعت طرقات أخرى على باب الشقة .. عدلت مهرة من جلستها بينما اتجهت أم فارس لتنظر من الطارق .. فتحت الباب فوجدت شاب لم تره من قبل ولكنه ابتسم وقال باحترام
نظرت إليه بتسائل وهى تقول
وعليكم السلام يابنى
قال باهتمام
مش دى شقة الدكتور فارس سيف الدين
قالت وهى تومىء برأسها
أيوا يابنى هيا
مد يده لها بخطاب قائلا
الجواب ده للأستاذ فارس
وقبل أن تتكلم قال بسرعة
أنا عارف أنه مش موجود
دلوقتى بس لو سمحتى الجواب ده مهم جدا من فضلك تحاولى توصليه ليه بأى طريقه عن أذنك
حاولت أن توقفه ولكنه لم يعطيها الفرصة وهبط درجات السلم سريعا أغلقت الباب وهى تقلب الخطاب بين يديها بدهشة متسائلة
ياترى من مين الجواب ده
نهضت مهرة وتوجهت إليها وهى تنظر إلى الخطاب بين يدها وقالت
من مين الجواب ده يا ماما
معرفش يا بنتى بس بيقولى أنى لازم أوصله لفارس ضرورى
قالت كلمتها وهى تفتحه وتقول
لما نشوف فى أيه ده كمان
حاولت أن تدقق النظر فيه ولكن الخط كان صغيرا فلم تستطع أن تقرأه بوضوح فدفعته لمهرة وهى تقول
خدى أقريهولى يا مهرة لحسن الخط صغير أوى
أخذته مهرة من يدها ونظرت فيه وبدأت فى القراءة بصوت مسموع
عزيزى دكتور فارس.. مش مهم تعرف أنا مين ..المهم انى عندى معلومات مهمة جدا ليك .. أنا مش عارف انت اتخدعت بسهولة كده ازاى.. لكن انا أحب اشيل الغمامة دى من على عينك واقولك أن مراتك بعد أبوها ماټ على طول راحت لباسم مكتبه بعد ما حطت لأمها منوم و........
لم تستطع مهرة القراءة شهقت وهى تضع يدها على فمها .. حثتها أم فارس على المتابعة وهى تمسكها من
ذراعها وتقول بجدية
كملى يا مهرة سكتى ليه
تلعثمت مهرة وهى لا تعرف ماذا تفعل فقالت
ماما الجواب ده مش لازم يوصل لفارس أبدا
شدت أم
فارس على ذراعها وقالت بتصميم
هتكملى ولا أنده حد تانى يكملهولى
أعادت مهرة قراءة الخطاب فى تردد وبصوت مضطرب ... بينما أخذ وجه أم فارس يمتقع وهى تحدق فى الفراغ حتى أنهت مهرة قراءته فرفعت وجهها إلى أم فارس وربتت على كتفها قائلة
ماما الله يخاليكى أهدى شوية.. أنت الضغط بيعلى عندك بسرعة
لمعت الدموع فى عينيها وهى تقول
يا حبيبى يابنى .. وكنت كاتم فى نفسك كل ده وساكت.. طب ليه يا فارس سكت ليه
نظرت لها مهرة بعدم فهم وقالت متسائلة
يعنى أيه الكلام ده هو فارس كان عارف
عقدت حاجبيها وهى تقول غير مصدقة
كل تصرفاته بعد ما رجعوا من اسكندرية كانت بتقول أنهم مش كويسين مع بعض .. مع أنهم مكانش لسه بقالهم أسبوع متجوزين جديد .. وهو شكله كان كأنه شايل هم كبير أوى ومش عارف يا حبيب امه يتكلم مع حد ..
دمعت عينيها وهى تقول بتاثر
أتاريه مكنش عاوز ېفضحها .. تقوم فى الآخر تعمل فيه كده ! .. بقى يسترها ويخبى سرها وفى الآخر تبهدله الپهدلة دى وكل ده علشان كانت طمعانة فى القضية وفلوسها .
وضعت مهرة الخطاب بجوارها ولفت ذراعيها حول ذراع أم فارس وأسندت رأسها على كتفها وقد انزلقت دمعتين من عينيها فى صمت .. ثم قالت
مش لازم يشوف الجواب ده يا ماما.. أحنا لازم نقطعه.. ده ممكن يتهور ويعمل فيها حاجة
قالت كلمتها ومدت يدها للخطاب وقبضت عليه فى راحتها بقوة ونهضت لتلقى به فى القمامة ولكن أم فارس أوقفتها وجذبت الخطاب منها وقالت بتصميم
مش هنسترها تانى.. لا انا ولا ابنى.. خلاص .. لازم يشوف الجواب ولازم تاخد جزائها علشان نارى تبرد شوية.. وانا عارفة انه مش هيأذى نفسه.. بس كفاية انه يبرد ناره شوية ويعرف اللى حواليه عملوا فيه كده ليه .
مسحت مهرة دموعها براحتيها عندما سمعت رنين هاتف المنزل وتوجهت لتجيب المتصل وهى تقول
السلام عليكم
أتاها صوتا محملا بالفرحة واللهفة .. صوتا كان ولا يزال محملا بالحنان الجارف دائما ..سقطت السماعة من يدها المرتعشة على أثر المفاجأة الغير متوقعة عندما سمعته يقول بشوق
مهرة
ألتقطت السماعة سريعا ووضعتها على أذنها غير مصدقة وأم فارس تنظر إليها متعجبة منها ولكن دهشتها زالت وقفزت فرحا من مكانها عندما سمعتها تقول بأنفاس متقطعة
فارس
أخذت أم فارس سماعة الهاتف من يدها ووضعتها على أذنها تمسكها بيدها الاثنتين فى شوق ولهفة وهى تقول
فارس ..أبنى.. أنت بتتكلم منين
وضعت مهرة يدها على صدرها وهى تشعر أن قلبها سيقفز من مكانه فرحا واحتقن وجهها بشدة وهى تستمع لأم فارس تقول من بين دموعها
يعنى انت طلعت يا فارس .. بجد يابنى طلعت.. طب انت فين
ثم أخذت تقبل السماعة وهى تبكى قائلة
تعالى بسرعة يا فارس.. تعالى بسرعة.. نفسى اخدك فى حضنى يابنى وحشتنى أوى
أنهى فارس المكالمة وهو يمسح دموعه ويد الدكتور حمدى تربط على كتفه قائلا بمرح
أيه ده.. هو انت لسه شوفت حاجة ..أومال لما تروح بقى هتعمل أيه
ثم مد يده بالهاتف إلى بلال قائلا
يالا خد انت كمان التليفون وكلم والدتك وبلغها أنك خرجت
أبتسم بلال واستنشق الهواء النقى خارج جدران المعټقل حتى أمتلا صدره به ثم زفر بهدوء وقال
لا يا دكتور معلش ..أنا عاوز اعملهم مفاجأة
ضحك الدكتور حمدى وهو يقول
حرام عليك يلاقوك قدامهم كده فجأة
ضحك فارس ثم قال
طول عمره بتاع مقالب يا دكتور.. هو كده من زمان
ضحك ثلاثتهم وهم يستقلون سيارة الدكتور حمدى فى طريقهم إلى منازلهم كان الدكتور حمدى يقود السيارة وهو ينظر إلى فارس الجالس بجواره
نظرات خاطفة ورأسه يدور لا يعلم ماذا يفعل .. لابد أن يخبره بأمر زوجته التى قدمت ضده بلاغ وزجت به فى معتقلات الأهوال تلك ظلما ولكن هل يخبره الآن أم ماذا ... قطع فارس عليه تفكيره وقال متسائلا
معرفتش يا دكتور مين اللى عمل فينا كده
ألتفت إليه الدكتور حمدى ثم أعاد النظر للطريق وقد حسم أمره ثم قال
فارس .. لازم تعرف الدنيا دى كلها فيها الكويس وفيها الۏحش فيها اللى بيعمل خير لوجه الله من غير سبب وفيها برضة اللى بيأذى الناس من غير سبب ولو الأذيه جاتلك من اقرب الناس ليك أوعى تزعل نفسك .. واعرف ان ربنا بيكشفلك اللى حواليك علشان متفضلش عايش موهوم ومخدوع فيهم ..
أستدار فارس بجسده إليه ونظر للخلف إلى حيث بلال التقت نظراتهما فى تساؤل صامت قطعه فارس وهو يلتفت إلى الدكتور حمدى قائلا
الكلام ده معناه ان حضرتك عرفت مين
أومأ الدكتور حمدى برأسه وهو يقول
أيوا عرفت ... بس كنت محتار اقولك دلوقتى ولا لما تروح بيتك وترتاح شويه من اللى شفته
أعتدل بلال فى جلسته وقد شعر أن الدكتور حمدى يقصد شخصا قريب جدا من فارس بينما قال فارس
سريعا
مين يا دكتور قولى مين
أضطرب صوت الدكتور حمدى وهو يقول ببطء
مراتك دنيا
أتسعت عيني فارس هلعا ونظر إلى بلال الذى لم تكن الصدمة عليه أقل من فارس .. حدقا فى بعضهما البعض بينما هتف فارس
دنيا مراتى .. أزاى و ليه .. حضرتك متأكد يا دكتور متأكد انها مراتى اللى عملت فيا كده
ظهر الأسف على وجه الدكتور حمدى وهو يقول بإشفاق
هو ده اللى انا عرفته.. ولعلمك محدش هيقدر يجاوب على سؤالك .. إلا انت بس .. أنت بس اللى ممكن تقولنا ليه هى عملت كده
أعتدل فارس فى جلسته مصډوما واستند بظهره إلى مقعده وقد احتقن وجهه ڠضبا وحنقا وضړب باب السيارة بقبضته بقوة وهو يهتف
سؤال أيه اللى اجاوب عليه .. هو فى حاجة بين راجل ومراته مهما كانت تخاليها تعمل كده فيه .. ليه يا دنيا تعملى فيا كده ليه ده انا ..
بتر كلمته وابتلعها قبل أن يكملها .. كان سيقول
ده انا سترتك ومرضتش اڤضحك .. ولكن فروسيته المعهودة أبت ذلك ... ربت بلال على كتفه من الخلف ثم قال
أستنى يا فارس لما تقابلها وتتكلم معاها بهدوء.. أحنا لسه مش عارفين حاجة.. أستنى لما تسمعلها الأول
ألتفت إليه فارس غاضبا وهو يقول
هتقولى أيه يا بلال ..هتقولى بلغت عنى وعن صحابى ليه .. ليه
ربت على كتفه مرة أخرى